شاعر يشدو كلمات يتغنى بجمل وعبارات في حب وطنه وفي توعية الشعوب للتصدي للاعداء، ليس رجلاً عسكريا ولا أمنيا أو مسئولا في حكومة أو وزارة، إلا أن كلماته لم تشفع له عند العدو الاسرائيلي الذي اعتبرها سلاحا أقوى من الرصاص، فاغتالوه في حادث اليم اصاب كل العرب وقتها بالحزن، هو غسان كنفاني الشاعر الفلسطيني صاحب الأشعار الرائعة والابيات التي تعطي الحماسة نحو الحرية والتحرر والحصول على وطن مستقل لا مكان للاعداء فيه.
ففي بداية شهر يونيو من العام 1972 أصدرت غولدا مائير قرارها بتصفية عدد من أعلام الفلسطينيين وقياداتهم وتلقى زامير ـ مدير الموساد آنذاك «لائحة غولدا» ليعمل على الفلسطينيين المدونين في اللائحة واحداً تلو الآخر.
وكان اسم غسان كنفاني على رأس تلك اللائحة التي ضمت عدد آخر منهم وامتدت فترة القتل سنة كاملة من ارهاب دولة اسرائيل المنظم نحو الفلسطينيين في بيروت واستعان الموساد لتنفيذ اوامر غولدا مائير بأعوان محليين وبالقوات الخاصة الاسرائيلية وبعملاء يحملون جوازات سفر اجنبية دخلوا بيروت دون عناء ودون تأشيرات.
كانت حرب ارهابية واسعة شنتها غولدا مائير ضد منظمة التحرير الفلسطينية وقادة تنظيمتها ورجال الفكر والأدب والصحافة والبحث.
وفي الثامن من يوليو 1972 استيقظ العالم العربي على حادثة مؤلمة باغتياله، حيث قامت مجموعة من عملاء الموساد تحت جنح الظلام بزرع عبوات متفجرة في سيارة غسان كنفاني المتوقفة في كراج منزله وبطبيعة الحال لم تكن هنالك حراسات أمنية، وفي صباح هذا اليوم اصطحب غسان كنفاني ابنة أخته "لميس" التي كانت قد أنهت التوجيهية بتفوق كبير كي تتوجه للتسجيل في الجامعة الأميركية، وما ان أدار غسان محرك السيارة حتى انفجرت، وهز الانفجار المنطقة بأسرها، وتطاير الجسدان في كل الاتجاهات وتعلق أطرافهما بأغصان أشجار الزيتون المنتشرة حول الحقول المحيطة بالمنزل.
وعلى مدار الأعوام الماضية أنكرت إسرائيل ارتكابها لهذه الجريمة، وذلك على الرغم من ثبوت كل الدلائل التي تؤكد ذلك إلا أنها مؤخرا اعترفت اسرائيل لأول مرة وبشكل رسمي ان عملاء جهاز الموساد هم الذين اغتالو الكاتب الفلسطيني الشهيد غسان كنفاني بزرع عبوة ناسفة في سيارته.
وجاء هذا الاعتراف الاسرائيلي بقتل الكاتب الفلسطيني في سياق تقرير بقلم الصحفي ايتان هابِر نشرته صحيفة يديعوت احرونوت اليوم الاثنين، حول "كشف جديد" لمعلومات تتعلق بـ"حملة الثأر" التي نفذها عملاء الموساد في عدد من الدول ضد فلسطينيين في اعقاب مقتل الرياضيين الاسرائيليين خلال دورة الالعاب الاولمبية في العام 1972 في مدينة ميونيخ الالمانية.
وقتل غسان كنفاني الأديب والكاتب المبدع وهو في السادسة والثلاثين من العمر وقتلت معه لميس العروس الفلسطينية ذات التسعة عشر ربيعاً ولكن ظلت كلماته ومقالاته وروايته يصارع بها إسرائيل في كافة الازمان وشاهده على جرائم الدولة المحتلة في حق أبناء الأرض المقدسة.