الثلاثاء، 31 يناير 2012

وقت الطناجر الفلسطينية

كتب أ . تحسين يحيى أبو عاصي
كاتب فلسطيني مستقل
طبخنا لحوالي خمسين عاما في طناجر فلسطين ، ولم نأكل منها حتى الآن شيئا ، ثم طبخنا حديثا بطناجر جديدة طَخ وحديثة طَخ طخ ، ومصنوعة بمصانع ذات مواصفات ثورية وعلمية ودينية وقومية وبعثية وعونطجية ، وكلها من قبيلة آل طناجر المكرمين ... لم نأكل شيئا من تلك الطناجر حتى الآن ، ولم يبق لنا إلا قرع تلك الطناجر لعل قرعها يعيد لنا كرامة ، وينهي انقساما ، ويحرر وطنا ... ربما تلك الطناجر لم تصنع في مصانع طائرات الاستطلاع الصهيونية من دون طيار من نوع إيتان ، التي نفذت ضربة جوية عام 2009 فوق السودان ، على قافلة أسلحة قادمة إلى غزة ، ولا في مصانع القبة الفولاذية وصواريخ حيتس ، التي ابتكرتها الأدمغة الصهيونية أمام ابتكارنا لنظرية قرع الطناجر التي ابتكرتها الأدمغة الفلسطينية ... !! فعاش الوطن عاش ، فلم يبق لنا من رصيدنا السياسي والعسكري والفكري غير قرع الطناجر ، التي لم تطعمنا حتى الآن ولو لقمة واحدة ؛ لكي نعترف بفضلها على عقولنا ، وعلى أبنائنا ومستقبل شبابنا ، التي تغذت وترعرعت ولا زالت بفضل تلك الطناجر ...

أنا لا أستخف بطناجر فلسطين ، كما لا أستخف بقرعها ، ولا بموعد قرعها ، وكيفية قرعها ، ومكان قرعها ، فطناجر فلسطين كبيرة وصلبة ، ومن مختلف الأنواع والأحجام والأشكال والألوان ، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، وهي تعبير متميز عن مدى ثقافتنا وسلوكنا الحضاري ، ووعينا ومحتوانا وتوجهنا ، فلا فض فاه كل من دعا إلى قرعها .
قرع الطناجر خير من قرع السلاح بألف مرة ، فلعلها تفتح لنا أفقا جديد من بعد انسداد آفاق نهج السياسة والمقاومة ، فبذلك نُكرم شهداءنا في مراقدهم ، وأسرانا في سجونهم ، وأبطالنا المبعدين ، وشعبنا في الشتات ، والأسئلة المهمة الآن : هل ستفهم الطناجر من بعد قرعها ؟ وإن لم تفهم فهل سنقرع عقولنا !!! ؟ وهل ستعيد فلسطين التاريخية أو جزءاً منها ؟ وهل بقرع الطناجر سنوصل رسالتنا ؟ وهل رسالتنا لم تصل بعد إلى كل زنقة وزنقة في العالم ؛ لكي نوصل رسالتنا من جديد من خلال قرع الطناجر؟ أم أن قرع الطناجر هو سلاح المفلسين الذين لا سلاح لهم إلا الطناجر !! ؟ .
يبدو أن الصفات الوراثية في الدماء تتكاثر ويشد بعضها بعضا ، وتتجانس تلك الجينات حتى تلتقي مع قبيلة أبي طناجر ، ثم تنتج بفعل قوانين الوراثة طفرة قرع الطناجر ، فتحشو الأدمغة بمحتويات طناجر وموائد السادة ، الذين يتملقهم أصحاب نظريات الطناجر .
ستثبت طناجر فلسطين أننا ابتكرنا احدث أشكال النضال السلمي ؛ من اجل إنهاء الانقسام ؛ لأنها ستقرع بعنف آذان قادة الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية والرباعية الدولية ؛ ولأنها ستوصل رسالتنا إلى قلب الأمم المتحدة ، ولن تقف حينها أمريكا حائلا بيننا وبين مشروعنا الوطني ... فعاشت طناجر الوطن ... ولعل العطار يصلح ما أفسده الزمان .. .فيعيد قرع الطناجر إلينا الأمل بالمصالحة والوحدة وتحرير تراب فلسطين ، ويجلس أبناء حركتي فتح وحماس الكرام من القاعدة إلى القمة ومن مختلف الرتب العسكرية في مكتب واحد ، لا شغل لهم إلا الهم الوطني الوحيد الأوحد بفعل وبتأثير طرق الطناجر ، اللهم عجِّل بطرق الطناجر ، واجعلها مناسبة وطنية يحييها شعبنا كل عام في جميع الجامعات والمؤسسات والمدارس والشوارع ، وليس من فوق الأسطح فقط ...
أما أنا فسأقرع الطناجر فوق سطح بيتي بصحبة نسائي الأربع وبناتي العشر ، وأحفادي من الإناث فقط ، ولن أسمح لذكر واحد من أبنائي وأحفادي بمشاركتي في قرع الطناجر ... لأني بلغت من العمر الستين عاما ، واللبيب بالإشارة يفهم
أيتها الطناجر الفلسطينية المناضلة العتيدة : هل تعيدي مجد الأمة من جديد ، في الوقت الذي لم تتمكن فيه الحركات ولا الدماء حتى الآن من عودته ، فلم يبق لنا إلا الطناجر ! ؟ .
ومن جديد عاشت طناجر فلسطين ... وعظّم الله أجركم في موتاكم ... والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار ، وإنها لثورة حتى النصر ... حتى النصر ... حتى النصر ... وحتى تحرير كامل تراب فلسطين التاريخية ... وحتى تحرير الأرض والإنسان !!! ، وشِدِّي حيلك يا بلد .
المصدر: اسوار برس